#navbar-iframe { height:0px; display:none; }

الاثنين، 8 فبراير 2010

تصور خيالى لواقع من الأيام القادمة

من السهل على الإنسان أن يعود بذاكرته (إلى الوراء) ليكتب تجربته وذكرياته التى عاشها طوال سنوات حياته ويسطرها فى مذكرات يرتبها حسب ما مر به من أحداث على مدار تلك السنوات ويستطيع أيضاً أن يحذف منها ما يشاء من آلام أو مواقف لا يريد ذكرها أو تذكرها كما يستطيع أن ينسقها أويضيف لها صياغة جديدة تُجَمِّل وتُحسِّن من صورة الأحداث التى مرت وتخفف بعضاً من وطأة آلام الذكريات الماضية….

ولكن أعتقد أن الصعب هو أن يعود الإنسان بذاكرته (إلى الأمام) حيث يعيش (ذكريات قادمة) ويرى مالم يألفه العقل أو تتعوده النفس …. وهذا ما حدث لعم سعيد الذى وجد نفسه فجأة وبدون مقدمات يعيش فى زمن جديد غير الزمن الذى تعوده وتمر به أحداث غريبة لم يرى مثلها قبل ذلك ....

فقرر أن يكتب مذكراته عن تجربته التى عاشها خلال (سنوات قادمة) …. عاش خلالها ورأى فيها من أشكال التطورات التى طرأت على الحياة بمختلف نواحيها تناقضات كثيرة فى الأحداث والأشخاص وغرائب مثيرة يتأمل بعضها بدهشة وبعضها الآخر باستنكار وبعضها الآخر بدون تعليق ….

فهى تطورات أغلبها ظاهرية وصورية يرى فى معظمها أنها لم تتعمق داخل البشر لتحقق تطوراً إنسانياً وهو الحلم المراود والهدف المنشود فى المقام الأول للإنسانية …. فمع هذا التطور الذى أحاط بأغلب الجوانب فى حياته وظهرت ملامحه بصورة واضحة فى إنعكاسات على شتى مجالات الحياة وعلى جميع المستويات والطبقات داخل المجتمع ….

فقد رأى عم سعيد أيضاً مع ذلك مظاهر كثيرة من التخلف الفكرى والتقدم الرجعى فى تطبيق هذه النظم الحديثة ومحاولة الاستفادة منها لتحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية وتنموية تعود بالنفع والرخاء على المجتمع الذى يضمه أولاً وعلى البشرية ككل …. كما رأى تراجع وتدنى فى العلاقات الاجتماعية والإنسانية والتصرفات بين كثير من البشر وبعضهم البعض .…

كيف يكون المستقبل

فمن أسماء أشخاص مستولفة (توليفة حروف غريبة) لم يألفها أو يتعودها أحد من قبل …. إلى صور غريبة من الموضات والتقاليع فى الملبس وفى التصرفات لا تتفق مع العقل ولا تنتمى إلى أى طبقة من طبقات الذوق فهى لا تتفق حتى مع الذوق العادى وليس الراقى …. ومن تحكم التكنولوجيا بكافة صورها فى حياة البشر وعلاقاتهم .... إلى ردود الفعل السيئة بين الناس وبعضهم البعض بسبب تطبيقات هذه التكنولوجيا واستخداماتها وتحكم الماديات فى صورتها الطاغية بها .... ومن جشع أصحاب الأملاك وبناء عمارات بدون سلالم لتوفيرمساحات أكثر للمبانى .... إلى معاناة الناس فى التعامل مع الأسانسيرات والكروت ....

ومن مشكلات وأزمات عامة للناس لا تزال تطل بوجهها عليهم من زمن إلى آخر مثل المشكلة الأبدية لرغيف الخبز وتداعياته .... إلى (الحلول الجهنمية) التى فرضتها تطورات ذلك العصر لحل مثل هذه الأزمات .... وأيضاً إلى أشكال مختلفة من (السيور الالكترونية) التى ظهرت فى ذلك الوقت للأرصفة المتحركة وأيضاً فى المصالح والجهات الحكومية ليستريح الناس من عناء الوقوف لإنهاء مصالحهم وحاجاتهم .... إلى ما تبع ذلك من مواقف وأحداث يكاد المرء أن يضحك من كثرة البكاء أو يبكى من كثرة الضحك حين يراها أو يعيشها أو حتى يسمع عنها ....

وإلى أشكال متنوعة من (الكروت الذكية) التى أصبحت هى مفتاح كل التعاملات والإجراءات وباتت تتحكم فى كثير من مقدرات البشر وتوجهاتهم ..... وإلى المشكلات الناتجة عن استخدام مثل هذه المستحدثات وتدخل الوساطة و(فساد الذمم الإلكتروني) الذى عشش فى كل هذه الصور التكنولوجية والذى أصبح آفة ذلك العصر...... إلخ مما عاشه عم سعيد هذا الرجل الطيب البسيط ذو الخمسين ربيعاً والذى يعمل موظفاً فى إحدى الجهات الحكومية القليلة والنادرة الوجود التى مازالت تتبع الدولة .... والذى كان قد تزوج فى سن الخامسة والثلاثين تقريباً نظراً لظروفه المادية الصعبة التى أحاطت به منذ بداية شبابه حتى استطاع بصعوبة بالغة أن يلملم شتات أسرة متوسطة الحال .... ولكنه ما زال يحمل فى داخله وفى أخلاقه وتعاملاته سمات للطيبة والأخلاق لأكثر من مائة عام مضت يواجه بها قدر استطاعته ما يمر بحياته من مشكلات وعواصف ......

صباح جديد فى عالم جديد

فتح عم سعيد عينيه منزعجاً وهو ينظر حوله ويحاول أن يتخلص من هذه اليد الصغيرة التى تهزه ..... بابا ... بابا ... إصحى أنا حتأخر على المدرسة – قوم علشان ألحق أنزل ...... فقد خاف عم سعيد أن يكون قد تأخر هو الآخر على مشواره الذى قرر أن يؤجله من الأسبوع الماضى لأنه قد صحا متأخراً من النوم وهو يحتاج أن ينزل مبكراً لقضاء هذا المشوار الهام الذى ظل يؤجله عدة مرات طوال الأسابيع الماضية نظرا لظروف متعددة ومختلفة لم يستطع أن يتغلب عليها .

كانت كلمات إبنته (روتيناميجابيل) وهذا هو اسمها الذى اختارته لها والدتها بعد عمل قرعة بين (3) من الاختيارات التى لم يوافق عليها عم سعيد من أصله لأنه يراها كلها تقريباً عبارة عن أسماء أدوية أو مضادات حيوية ممكن أن يتناولها بعد الأكل أو قبله ... لكن يعمل إيه وهو مش عاوز مشاكل بالإضافة إلى كلمات زوجته (مُنيرافيل) عن موضة الأسماء الجديدة التى انتشرت هذه الأيام بين العائلات الراقية .... واشمعنى احنا ما نبقاش زيهم ... ده حتى صاحبتى (سميرازيف) عندها ولد إسمه (راميليتيفاس) وبنت اسمها (ميرفانبيتى) وكل جيراننا واصدقائنا معجبين قوى بالأسماء دى لانها جديدة ومميزة .

: طيب ياستى معناه إيه اسم بنتك ده ؟؟

: شوف يا سيدى أنا لما كنت حامل فى الشهور الأخيرة دورت مع أصحابى اللى فى الشغل على اسم مناسب وبعدين لما ما عرفناش نختار اسم جديد وشيك دخلنا على النت ولقيت فى موقع شبابى يجنن ركن مخصص للأسماء الجديدة وكمان شرح لمعانيها ولقينا ان الاسم بتاع بنتنا ده أصله عربى ومعناه إنه بيعبر عن روح الشهامة والأصالة وحب البنت لأبوها بالذات أكثر من أمها .!!

: والله مانا فاهم حاجة ؟؟... واشمعنى حب البنت لأبوها هو يعنى اللى واضح قوى فى الاسم . وسرح عم سعيد بخياله بعيداً وأدرك بعد فترة من التفكير معنى هذا الحب الذى يتمثل فى سهولة طلب المصروف وأى أشياء أخرى من بابا بدلاً من ماما التى ترد على الطالب بسيل من الأسئلة . ليه وإمتى وفين وإزاى وبكام ..... إلخ .

: بابا بابا عاوزة تلات ألاف وخمسمية جنيه علشان أديهم لأبلة (استمزنفات) - (وهذا أيضاً هو اسم المدرسة التى تدرس لإبنته وتعطيها درس خصوصى مع مجموعة من زملائها) علشان آخر حصة فى لينا فى الدرس بكرة وهى يمكن تسافر أسبوع عند أختها .

آه يا بابا وعاوزة كمان متين وخمسين جنيه مصروف النهاردة علشان باقى معايا من امبارح خمسة وتلاتين جنيه بس وماما ما عملتليش سندوتشات .

: طيب ماما ما عملتش سندوتشات ليكو ليه ما انتوا كل يوم ...... تقريباً !! (فقد آثر عم سعيد أن يتغاضى فى كلامه عن بعض الأيام التى تتخللها ظروف تحول دون ذلك) بتاخدوا معاكم سندوتشات علشان قلنا ميت مرة بلاش تشتروا أكل من برة .

وبعدين أخوكى (مرزيستانيام) صحى ولا لسة ؟؟

: أيوة يابابا بيلبس وجاى هو كمان علشان ياخد فلوس الدرس بتاعه وفلوس المصروف .

فرك عم سعيد عينيه كثيراً حتى احمرت ثم قام متثاقلاً يمشى بخطوات بطيئة نحو الحائط بجانب السرير حتى وصل إلى الشماعة الدائرية الموجودة بجوار الحائط فضغط على الزر الخاص بها فدارت الشماعة حول محورها حتى وصل الجاكيت الذى يريده أمامه فمد عم سعيد يده فى جيب جاكيت البدلة المصنوع من الألياف الزجاجية مع البوليستر والنسيج القطنى فهو جاكيت يتحمل درجات الحرارة العالية نوعاً وكذلك درجات مختلفة من الرطوبة - والذى أصبح متهالكاً من كتر مد الإيدين فيه وأخرج كمية من الأوراق النقدية من فئة الألف جنيه .... حوالى اتناشر ورقة هى كل ما يتبقى حتى الآن من مرتب عم سعيد لهذا الشهر الذى لا يزال يتبقى على انتهائه حوالى أسبوع أو زيادة يومين لينقضي والذى لا يتعدى المرتب فيه خمسة وستين ورقة من هذه الفئة.

: خدى آدى خمس تلاف جنيه ليكى انت وأخوكى علشان تدفعوا فلوس الدروس . ثم مد يده فى الجيب الآخر الذى يضع فيه الفلوس الفكة من فئة المية جنيه والخمسمية جنيه وأعطاها خمس ورقات من أم مية .

: خدى كمان دول خمسمية جنيه مصروفك انت واخوكى بس بلاش الحاجات الفارغة اللى بتشتروها على الفاضى والمليان دى .

: شكراً يا بابا ... أنا مش حاجيب غير كيس البطاطس المشوية وبرطمان الحاجة الساقعة التلات ألوان . أنا ماشية بقى يا بابا وماتنساش ان انت قلت حتجيب لى حاجة حلوة وانت جاى من السفر النهاردة .

( لم يفهم عم سعيد ماقصدته ابنته ببرطمان الحاجة الساقعة التلات ألوان ولكنه لم يعقب على ذلك فقد تعود أن يسمع كل يوم عن أصناف جديدة يخترعونها للأطفال للقضاء على ما يسمى بالمصروف يوماً بيوم حتى لا يتبقى منه شيء أو يكون هناك أى معالم لما يسمى بالادخار).

: ماشى يا ستى . هى ماما صحيت ولا لسة ؟؟.

: لأ يابابا أصلها كانت سهرانة امبارح للساعة تلاتة علشان التمثيلية بتيجى متأخر .

: هى مش حتبطل موضوع السهر والتمثيليات ده..... بدل ما تضيع وقتها فى حاجة مفيدة !!

قام عم سعيد وهو يتثائب وتوجه إلى الحمام ليغتسل وهو متثاقل الخطى من تعب يوم أمس مما بذله من مجهود لمواجهة بعض المشاكل والإصلاحات فى العربية الكركوبة التى اشتراها من أحد أصدقائه بمبلغ تلتمية وخمسين ألف جنيه هى تحويشة العمر التى استطاع أن يدبرها ويوفرها من الجمعية التى كان قد دخلها مع أصحابه فى الشغل بمبلغ عشر تلاف جنيه كل شهر علشان يقبض حوالى نص مليون جنيه . والذى سرعان ما تبخر هذا المبلغ سريعاً وهو الذى كان يحلم به طوال الخمسين شهر السابقة فترة الجمعية .

فعندما قبض عم سعيد الجمعية تبخر المبلغ كعادة الفلوس فقد ذهب جزء كبير منها مابين دفع بعض الالتزامات والمصروفات التى يحتاجها البيت والأولاد لزوم المدرسة وخلافه وبين ثمن هذه السيارة القديمة نوعاً فهى موديل 2040 أى مر عليها حوالى عشرة سنوات كاملة فى التشغيل ولكنه كان قد قرر أن يشتريها لترحمه من بهدلة المواصلات سواء من ناحية المصاريف المبالغ فيها للتاكسى أوالمينى باص الذى أصبح ينافسه فى الأجرة لا سيما إذا كان المشوار عائلى ويضم حوالى أربعة أو خمسة أفراد من الأسرة فيتكلف حوالى متين جنيه فى المتوسط - أو من ناحية المعاملة التى يلقاها مع السائقين والتى لا ترضى عدو ولا حبيب حيث يتبارون فى إذلال الركاب سواء فى الركوب أو فى النزول أو فى تغيير تعريفة الركوب حسب مزاج كل سائق بدون أى رقيب أو وازع وأصبح السائقين يسمون تعريفتهم مسميات كثيرة مثل (تعريفة الاقتصاد الحر) أو (أجرة العولمة) أو (لكل مشوار مقدار) إلى آخره من الألقاب التى أصبحت تستفز الزبائن إذا فكر أحدهم فى السؤال عن سبب زيادة الأجرة فيرد السائقون عليهم بها مما كان يؤدى فى كثير من الأحيان إلى مشكلات ومشاحنات ينتهى أغلبها بتنازل الراكب عن حقه واستسلامه لجبروت السائق خاصة بعدما يسمع كثيراً من الزبائن (المطيباتية) الذين يتناوبون فى ترديد جملاً لا تشفع ولا تفيد مثل (ياعم كبر دماغك انت قربت تنزل) أو (انت يعنى جت على الخمسين جنه الزيادة دى فرقها بسيط) ومنهم من يذكر موقفاً تعرض له هو شخصياً وتنازل فيه عن حوالى مائة جنيه مرة واحدة فى مشوار أجرته نصف هذا المبلغ تحاشياً وتجنباً للمشكلات التى يمكن أن يتعرض لها والتأخير الذى سوف يناله فى حالة الاعتراض أو الدخول فى مشادة أو خلاف مع السائق ...

أما ما زاد من عزم عم سعيد وتصميمه على شراء هذه الكركوبة والابتعاد عن كل ذلك فكان ما يسمى بقانون المرور (الجديد ديد المعدل) والذى أصبحت غراماته ومشاكله تطول الراكب أكثر مما تطول السائق أو صاحب السيارة – وهذا القانون يعتبر فى ذلك الوقت آخر إصدار من تعديلات ما كان يسمى (بقانون المرور الجديد) الذى صدر منذ فترة طويلة فى عام 2008 ومر عليه حتى الآن حوالى أربعون عاماً وكان يسمى وقتها (قانون المرور الجديد) ثم تم تعديله بعد عدة سنوات أخرى وتغير اسمه ليصبح (قانون المرور الجديد ديد) والذى استمر العمل به أيضاً عدة سنوات أخرى طالت مدتها عن سابقتها ثم ظهرت مستجدات أخرى وتغيرت أحوال كثيرة فى البلد من الناحية الإنشائية وتخطيط الطرق والشوارع والحالة الإقتصادية للناس فتطلبت هذه الظروف الجديدة تعديلات جديدة على القانون لتناسبها حتى ظهر آخر إصدار منه وهو ما يعرف بـ (قانون المرور الجديد ديد المعدل) .

وحمد عم سعيد الله كثيراً على أنه استطاع أن ينال شرف امتلاك وركوب هذه السيارة بعد هذه المعاناة الطويلة والصدامات والمشاحنات مع الناس فى مشاويره التى كان يقوم بها سواء المشاوير الفردية أو العائلية مع الأسرة والتى غالباً ما كانت تنتهى بنتيجة ليست فى صالحه .

دخل عم سعيد إلى الحمام ونظر إلى الحنفية التى تعمل بالأشعة عند وضع الأيدى تحتها وهى الحنفيات التى قررت هيئة المياه إلزام جميع المواطنين بتركيبها عن طريق الهيئة وذلك للمحافظة على المخزون الاستراتيجي لمياه الشرب والحد من الاستهلاك وكان ذلك التغيير يتم بعد دفع مصاريف استبدال للحنفيات القديمة والتى تم تركيبها قبل ذلك منذ فترة و كانت تعمل بكروت ممغنطة وكانت هذه الكروت تفقد مغنطتها بعد فترة فتتعطل عن العمل وتؤدى إلى حدوث مشكلات كثيرة فى البيوت نتيجة انقطاع المياه بسببها خاصة إذا حدثت هذه المشكلة والشخص داخل الحمام لأى غرض كالاستحمام وخلافه وكان بعضها يأتى أساساً غير ممغنط ولا يتم استبداله أو استرجاعه إلا بعد الفحص بواسطة أجهزة خاصة فى هيئة المياه وبعد ذلك يتم تأكيد هذا الفحص بالعرض على قسم الكروت بهيئة الاتصالات للتوصل إلى العيب فى الكارت وإقرار تغييره أو استبداله ولما زادت الشكاوى وأصبح معظم الناس يذهبون إلى أعمالهم دون غسل وجوههم أو ربما الاستحمام حتى فاحت بعض الروائح الكريهة فى كثير من أنحاء البلاد والمصالح والأجهزة فرأت الهيئة بعد الدراسة والفحص والبحث فى وسائل التكنولوجيات الحديثة فى بعض الدول المتقدمة وإرسال بعض البعثات المتخصصة من الهيئة لاختيار تكنولوجيا جديدة مناسبة أن يتم استبدال حنفيات الكروت القديمة بهذه الأخرى الجديدة ويتم تركيب الحنفية الواحدة بمصروفات الاستبدال والتركيب التى تقدر بحوالى خمس تلاف جنيه عن كل حنفية مما اضطر عم سعيد ان يختصر عدد الحنفيات فى البيت كله إلى حنفيتين اثنين فقط واحدة للمطبخ وواحدة للحمام وهذا أيضاً بخلاف الشطاف الإلكترونى الذى تكلف مصروفات إضافية أخرى حوالى ألفين جنيه حيث أنه لا يصلح للعمل بطريقة الأشعة مثل تلك الحنفيات التى تشعر بوجود اليد تحت الحنفية لتقوم بتشغيل الدائرة الإلكترونية التى تتحكم فى تدفق وفصل المياه عنها . ولكن إذا تم العمل للشطاف بنفس هذه النظرية فإن المياه لن تتوقف عن التدفق منه بمجرد الجلوس على الحمام مما سيؤدى إلى مشكلات أخرى واستهلاك إضافي غير مطلوب .

ومد عم سعيد يده تحت الحنفية وسرعان ما انهمر الماء منها بمعدل تدفق ثابت ومتساو ليغتسل ويتوضأ بكمية من المياه حوالى نصف أو ثلثى ما كان يستهلكه أيام زمان عندما كانت الحنفيات تعمل بالفتح اليدوى وكان الاستهلاك عمال على بطال فى كل مكان وبعدما انتهى سحب يده من تحت الحنفية معلناً انتهاء مهمته ونظر جانباً إلى دولاب الحمام المثبت فى الحائط ليخرج منه بكرة جديدة من ورق التواليت (الطبقتين الغير منسوج) ليضعها بدلاً من البكرة المعلقة على الحائط والتى لم يتبق منها سوى بضعة سنتيمترات لا تكفى لتنشيف ماء الوجه فقط وترحم عم سعيد أيضاً على أيام زمان حيث كان هناك اختراع يسمى (الفوطة) والتى لم تعد تصنع الآن فى أى مصانع للنسيج والتى اتجه أغلبها إلى صناعة هذه الأدوات الورقية والأقمشة غير المنسوجة التى أصبحت تستخدم لمرة واحدة (طبعاً عند أصحاب الدخول المميزة) ولكن هو شخصياً يستخدم بعض هذه الأغراض أكثر من مرة بعد تجفيفها إما فى الشمس أو بالمكواة حتى يستطيع أن يفى بمتطلبات أسرته من هذه المستلزمات التى فتحت باباً إضافياً جديداً للمصروفات الشهرية التى تتكلفها الأسرة .

مر عم سعيد وهو عائد من الحمام بعد ان انتهى من الاغتسال والوضوء بالغرفة الثانية ونظر خلسة وبهدوء من طرف الباب فوجد الست (مُنيرافيل) زوجته تغط فى نوم عميق وفكر أن ينادى عليها لتصحوا ولكنه استمر فى السير عبر الصالة ليدخل إلى غرفته وآثر الصمت على ما كان سيفعله ليس احتراماً للست زوجته ولكن أكثر منه خوفاً – فقد تذكر فى آخر لحظة قبل أن ينادى عليها لتصحو أنها اليوم فى أجازة من الشغل لأنها أخبرته بأنها سوف تأخذ يومين أجازة آخر الأسبوع لتشبكهما مع الأجازة الأسبوعية لها الخميس والجمعة فتحصل على (4) أيام متواصلة وقد تعجب هو شخصياً من ذلك التوقيت لأخذ مثل هذه الأجازة التى يعتبرها طويلة فهم لم يقرروا أن يذهبوا إلى مصيف مثلاً وليس عندهم مناسبة ستحدث تحتاج لمثل هذه الأجازة الطويلة ولكن تعجبُه سرعان مازال عندما أخبرته أنها أخذت هذه الأجازة مخصوص لتتابع آخر أربعة حلقات من المسلسل الغينى (من غينيا) والذى تشاهده وتتابع أحداثه المثيرة وأصبح من أشهر ما يعرض على القنوات الفضائية فى هذه الأيام . وحيث أنه يعرض فى ساعة متأخرة من الليل وهى لا تستطيع أن تذهب للعمل فى اليوم التالى بعد أن تشاهده - أو ربما تصحو من النوم باستعجال ولا تستطيع أن ترتب أى شىء فى البيت أو تلبى طلبات الأولاد من السندوتشات المدرسية وخلافه وتذهب للشغل متأخرة فيستقبلها الأستاذ (حمدينينو) رئيس المكتب بوابل من التأنيب والتوبيخ وقصيدة من الكلام ذو العيار الثقيل عن أيام زمان والالتزام - أيام كان الموظف لا يستطيع التأخير عن شغله أكثر من ساعة فقط ولكن الآن التأخير يمتد لساعات وربما يأتى الموظف فى نهاية اليوم ليوقع فى كشوف الإنصراف ويعود للبيت أو ربما يوقع حضور اليوم فى اليوم التالى له وهذا من ألوان التسيب التى لا يسمح بها هو شخصياً فى مكتبه أو مع موظفيه .

0 comments:

إرسال تعليق

اكتب تعليقاتك هنا

Related Posts with Thumbnails

wibiya widget